Monday 10 November 2008

زيارة جديدة للتاريخ




عند وصوله حاول أن يبدو هادئا رغم سماعه بوضوح لدقات قلبه، ورغم الصعوبة التى استطاع أن يتمالك بها نفسه الا أنه لم يستطيع أخفاء دهشته من كل هذا النظام والجمال الذى باغت حواسه واستولى على كيانه الألوان والروائح والهدوء
كان عليه قبل أن يقترب من البوابة النهائية أن يقدم تصريح الزيارة حتى يسمح له بمقابلة لجنة أجازة التصريح ليحصل على أذن المشاهدة وفى سبيله لذلك عليه أن يخضع لمجموعة من لجان التحقيق قبل ان يمر بلجان الأمن ثم يخلص الى طقوس التحضيرللزيارة ،التى تبدأ بتجرده من ملابسه كلها وارتداء زى خاص يشبه النقاب لكى لا يتعرف على الزائرين الأخرين في الداخل ولايتعرفو عليه،لم يكن هناك شىء غير متوقع لديه ففى سبيله الى الوصول مر بما لا يخطر على الخاطرولكن ما حدث فى تحقيق الأمن ظل علقا فى ذهنه كنحلة لا تبارح مكانها فوق رأسه،لقد تحير فى كيفية اثبات تجرده من عدائه للساميه وتنصله الكامل من وهم حقوق الأنسان ، لقد كان هناك الكثير من التعليمات المنشورة بنظام طوال الطريق للممر النهائى عن برتوكول الزيارة، أجتاز البوابة ولم يجد ماكان يتصوره بئرا سحيقا على شكل تلك العلامة الجانيه فى جهاز الكمبيوتر التى يلقى فيها ما لا يحتاجه من ملفات ،ولكنه وجد أمامه قاعات مهيبة كقاعات المتاحف العالمية تحتوى تماثيل وصور بالحجم الطبيعى لشخصيات من الجنسين الى جانب أدوات وأختراعات بل وأفكار ولكن ما أزهله هو المجسمات لمشاعر وصفات وعادات وطقوس وأيضا عبادات تراصت بمهابة لتأخذ مكانها وموقعها وتحت كل مجسم أسمه فى بطاقة وردية اللون ولكن حيرة ما قطعت عليه ذهوله عندما أنتبه لوجود أماكن كثيرة فى كل قاعة لتماثيل وصور ومشاعر وأفكار وعبادات فارغة ومنزوعة البطاقات ما جعله يتحير ويعيد النظر فى هذا الدفتر الايضاحى الذى استلمه قبل الدخول للمزبلة مباشرة وعندما قرأ الكلمات الموضحة أدرك أن هذه الآماكن الفارغة أنتهت مدت صلاحيتها فى مزبلة التاريخ ولم يعد لها حق الأقامة بسب زيوعها مرة أخرى رغم تنكرها فنزعت وجردت من حقوق اقامتها وفقدت مكانتهاوطردت من المزبلة حتى تستوفي حق االوجود وتستعيد جدارتها مرة أخرى تحت هويتها الجديدة فى المزبلة